للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمعت أمي رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم تحدّث، وكانت لدة عبد المطلب، قالت: تتابعت على قريش سنون ذهبت بالأموال، فسمعت في النوم قائلا يقول: «هذا أوان نبي مبعوث فيكم، معشر قريش، وبه يأتيكم الحيا (١) والخصب؛ فليخرج رجل منكم طوال أبيض، مقرون الحاجبين، أهدب الأشفار، جعد الشعر، أشم العرنين، وليخرج معه ولده وولد ولده، وليخرج من كل بطن رجل حتى يعلوا أبا قبيس، ثم يتقدم هذا الرجل فيستسقي، ويؤمّنون». فلما أصحت، قصصت رؤياي، فنظروا، فإذا الرجل الذي هذه صفته عبد المطلّب. فاجتمعوا عليه، وفعلوا ما أمروا به. وكان النبي مع ولد عبد المطلب، وهو غلام، فتقدّم عبد المطلّب، فقال: «لا همّ، هؤلاء عبادك، بنو إمائك، وقد نزل بهم ما ترى، وتتابعت عليهم السنون فذهبت بالخفّ والظلف، وأشفت الأنفس منهم على التلف والحتف. فاذهب عنّا الجدب، وائتنا بالحياة والخصب». قال: فما برحوا حتى سالت الأودية. وبرسول الله سقوا. قالت رقيقة:

بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا … وقد فقدنا الحيا واستبطئ المطر

فجاد بالماء جوني له سيل … دان فعاشت به الأنعام والشجر

منّا من الله بالميمون طائره … وخير من بشرّت يوما به مضر

مبارك الوجه يستسقى الغمام به … ما في الأنام له عدل ولا خطر (٢)

- المدائني، عن ابن جعدبة

أن عبد المطلب رأى في منامه قائلا يقول: احفر زمزم، خبية الشيخ


(١) - الحيا: المطر والخصب.
(٢) - طبقات ابن سعد ج ١ ص ٨٩ - ٩٠.