الدنيا عليه جهاد هؤلاء القوم، ويشير عليه أن ينهد إليهم وينصب لهم ولا يعجز ولا يهن.
قالوا: وأتى أهل الشام قتل علي فقام معاوية خطيبا فذكر عليا وقال:
إن الله أتاح له من قتله بقطيعته وظلمه وقد ولي الكوفة بعده ابنه وهو حدث غرّ لا علم له بالحرب، وقد كتب اليّ وجوه من قبله يلتمسون الأمان فانتدب معه أهل الأجناد، فأقبل عمرو بن العاص في أهل فلسطين، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد في أهل الأردن، فكتب الحسن إلى معاوية يعلمه أن الناس قد بايعوه بعد أبيه ويدعوه إلى طاعته، فكتب إليه في جواب ذلك يعلمه أنه لو كان يعلم أنه أقوم بالأمر وأضبط للناس وأكيد للعدو وأحوط على المسلمين وأعلم بالسياسة، وأقوى على جمع المال منه لأجابه إلى ما سأل لأنه يراه لكل خير أهلا، وقال له في كتابه: إن أمري وأمرك شبيه بأمر أبي بكر وأمركم بعد وفاة رسول الله ﷺ، ووعده أن يسوّغه ما في بيت مال العراق، وخراج أي الكور شاء يستعين به على مؤنه ونفقاته.
وكان رسول الحسن بكتابه إلى معاوية جندب بن عبد الله بن ضبّ، وهو جندب الخير الأزدي، فلما قدم جندب على الحسن بجواب كتابه أخبره باجتماع أهل الشام وكثرتهم وعدتهم، وأشار عليه بتعجيل السير إليهم قبل أن يسيروا إليه، فلم يفعل حتى قيل له أن معاوية قد شخص إليك وبلغ جسر منبج، فتحرك عند ذلك ووجه حجر بن عدي الكندي إلى العمال يأمرهم بالجد والاستعداد إلى أن يمر بهم، وأتاه سعيد بن قيس الهمداني فقال له: أخرج فعسكر نسر معك. فخطب الحسن الناس فحضّهم على الجهاد، وعرّفهم فضله وما في الصبر عليه من الأجر، وأمرهم أن يخرجوا