للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جئت لذلك، وقد أمرت أصحابي بالكف عنكم فلا تعرضوا لهم حتى أفرغ مما بيني وبين الحسن، فكذبوه وشتموه.

ثم بعث معاوية بعد ذلك عبد الرحمن بن سمرة إلى عبيد الله فخلا به، وحلف له أن الحسن قد سأل معاوية الصلح، وجعل لعبيد الله ألف ألف درهم إن صار إليه.

فلما علم عبيد الله رأي الحسن وأنه إنما يقصد قصد الصلح، وحقن الدماء، صار إلى معاوية فأكرمه وبرّه، وحفظ له مسارعته إليه.

وقام بأمر الناس بعد عبيد الله، قيس بن سعد، وقال في عبيد الله قولا قبيحا، وذكر أخاه وما كان بينه وبين عليّ، ونسب عبيد الله إلى الخيانة والغدر والضعف والجبن، فبايع قيسا أربعة آلاف على الموت.

وظن معاوية أن مصير عبيد الله قد كسر الحسن فأمر بسر بن أبي أرطاة، وكان على مقدمته وناسا معه فصاحوا بالناس من جوانب العسكر فوافوهم وهم على تعبئة فخرجوا إليهم فضاربوهم، واجتمع إلى بسر خلق فهزمهم قيس وأصحابه.

وجاءهم بسر من الغد في الدهم فاقتتلوا فكشف بسر وأصحابه وقتل بين الفريقين قتلى، وعرض معاوية على قيس مثل الذي عرضه على عبيد الله فأبى، ثم بعث إليه ثانية فقال له: على ماذا تقتل نفسك وأصحاب الحسن قد اختلفوا عليه، وقد جرح في مظلم ساباط فهو لما به (١). فتوقف عن القتال ينظر ما يكون من أمر الحسن ففعل، وجعل وجوه أهل العراق يأتون معاوية فيبايعونه، فكان أول من أتاه خالد بن معمر فقال: أبايعك عن ربيعة كلها


(١) - أي في وضع صحي خطير.