للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفجور. أيها الناس انكم لو طلبتم بين جابلق وجابرس رجلا جدّه رسول الله ما وجدتموه غيري، وغير أخي الحسين، وإن الله قد هداكم بأولنا محمد وإن معاوية نازعني حقّا هو لي فتركته لصلاح الأمة وحقن دمائها، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وقد رأيت أن أسالمه وقد بايعته، ورأيت أن ما حقن الدماء خير مما سفكها، وأردت صلاحكم وأن يكون ما صنعت حجة على من كان يتمنى هذا الأمر، ﴿وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ﴾ (١)، ثم سكت وتفرق الناس.

ويقال أن معاوية قال للحسن: يا أبا محمد انك قد جدت بشيء لا تطيب أنفس الرجال بمثله، فاخرج إلى الناس فأظهر ذاك لهم. فقام فقال:

إن اكيس الكيس التقى وأحمق الحمق الفجور، إنّ هذا الأمر الذي سلمته لمعاوية إما أن يكون حقّ رجل كان أحقّ به مني فأخذ حقّه، وإما أن يكون حقي فتركته لصلاح أمة محمد وحقن دمائها، فالحمد لله الذي أكرم بنا أوّلكم، وحقن دماء آخركم.

حدثني أحمد بن سلمان الباهلي عن عبد الله بن بكر السهمي عن حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار قال: خطب الحسن حين صالح معاوية فقال: أيها الناس، إني كنت أكره الناس لأول هذا الأمر، وإني أصلحت آخره إما لذي حق أديت إليه حقه، وإما لجور حق بي التمست به صلاح أمر أمة محمد، وإنك قد وليت هذا الأمر يا معاوية لخير علمه الله منك أو شرّ أراده بك ﴿وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ﴾.

قالوا وجاء هانيء بن خطاب الهمداني إلى معاوية فقال: أبايعك على


(١) - سورة الأنبياء - الآية:١١١.