القسري على المدينة فقدمها في رجب سنة إحدى وأربعين ومائة فاستبطأه في أمر محمد، وبلغه أنه وجد في بيت مال المدينة ألف ألف درهم وسبعين ألف دينار. فأسرع في انفاقها. فعزله في سنة أربع وأربعين ومائة. وولى المدينة رياح بن عثمان بن حيان المري. فأخذ كاتب محمد بن خالد. وكان يقال له رزام فضربه وعذبه. وحبس محمدا فبعث بابنه عليا داعية إلى مصر فدل عليه وحمل إلى المنصور فأمر بحبسه.
وكان محمد بن عبد الله قدم إلى البصرة. فأرسل إلى عمرو بن عبيد صاحب الحسن. فلقيه فطالت النجوى بينهما فلم يجبه عمرو إلى شيء ووعظه وحذره الدماء وسوء العواقب.
وقدم المنصور البصرة فأرسل إلى عمرو أن الناس مجمعون على أنك قد بايعت محمدا، فقال عمرو: والله لو قلدني الناس أمرهم على أن اختار لهم إماما ما اخترته، فكيف أبايع محمدا.
وكتب المنصور على لسان محمد كتابا إلى عمرو بن عبيد فلما قرأه قال للرسول: ليس له جواب على ذاك، قل له: دعنا عافاك الله نعيش في هذا الظل، ونشرب هذا الماء البارد حتى يأتينا الموت، فلما رجع الرسول إلى المنصور أخبره فقال: هذه ناحية قد كفيناها.
قالوا: وضيق رياح على عبد الله بن الحسن وأخذ أخاه حسن بن حسن وعدة من أهلهما فحبسهم، وحج المنصور سنة أربع وأربعين ومائة فتلقاه رياح بالربذة فأخبره بما صنع بعبد الله ومن معه، وقد كان حملهم يتلقى المنصور بهم، فدعا المنصور بعبد الله فأغلظ عبد الله له فأمر ببيع متاعه واصطفاء ماله، فبيع متاعه وصيّر في بيت المال بالمدينة، فأخذ مالك بن أنس