محرج مظلوم، وجعل الناس يتفرقون فقال له ابراهيم بن خضير (١) -هذا هو مصعب بن مصعب بن الزبير لقب خضيرا وكانت أمه أم ولد - لو شئت لحقت بأخيك ابراهيم بالعراق. فقال: ما كنت لأخيف أهل المدينة مرتين، مرة في خروجي وبعده.
ومضى ابراهيم بن خضير إلى السجن فذبح رياح بن عثمان المري، ولم يجهز عليه فلم يزل يضطرب حتى مات، وكان إبراهيم بن خضير على شرطة محمد بن عبد الله، ومضى ابراهيم بن خضير إلى محمد بن خالد بن عبد الله القسري ليقتله في محبسه فنذر به، فردم باب البيت دونه فعالجه ابن خضير فأعياه فتركه ونجا محمد، وقدم الكوفة.
ورجع ابن خضير إلى محمد فقاتل بين يديه حتى قتل ابن خضير وقتل معه علي بن مالك بن خثيم بن عراك الغفاري، وسعيد بن أبي سفيان الصيرفي، في آخرين.
وصابرهم محمد إلى العصر ثم جعل الناس يتفرقون عنه وهو يقول: يا بني الأحرار إلى أين؟. وقتل بيده اثنى عشر رجلا، وولي حميد بن قحطبة قتاله عند المساء فقال له: اتق الله واذكر بيعتك، فيقال إن حميدا قال له: وأنت أيضا فافش سرك إلى الصبيان، وولده يقولون أنه قال له: أبهذا يكاد مثلي. وقال غيرهم: قال له: إنما خدعناك.
وعرض لمحمد رجل فضرب ذقنه فسقطت لحيته على صدره فرفعها بيده وقال: ناولوني شيئا أشدها به، فرمي إليه من سطح هناك بشقة
(١) - خضير هو مصعب بن مصعب بن الزبير. انظر جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار - ط. القاهرة ١٣٨١ هـ ص ٣٣٨ - ٣٤١.