للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان هارون بن سعد العجلي شيعيا فعاب خروج إبراهيم فقال:

يا من له كان ذو الرويّ … ة والهيئة منا في الدين متّبعا

أبينما لمت منتهى أهل الأم … ة إذ قيل صار مبتدعا

يا لهف نفسي على تفرّق ما … قد كان منها عليك مجتمعا

قالوا: ووجه المنصور أبا خزيمة خازم بن خزيمة التميمي إلى المغيرة بن الفزع، وهو بالأهواز فواقعه فهزمه وهزم أصحابه، وهرب المغيرة إلى البصرة فاستخفى بها، وكان حسان مولى أمير المؤمنين على بريدها فافتعل أمانا من المنصور لابن الفزع جعل له فيه ذمة الله وذمة رسوله ألا يهيّجه ولا يروّعه ولا يعرض له بسوء في نفسه وشعره وبشره وماله وولده ولا يؤاخذه بما كان منه، وأن يجزل صلته ويرفع قدره ويقوده على من أحب الفريضة من قومه.

ودعا رجلا من موالي بني قريع فاقرأه الأمان، وكتابا كأنه ورد عليه من المنصور في أمره وقال له: أنا أعلم أن المغيرة يسمع منك ويقبل قولك، وأنك إن شئت أن تعرف موضعه وتصل إليه فيه عرفته ولقيته، فخذ هذا الكتاب وهذا الأمان واقرأهما عليه.

فلما صار الرجل إليه قرأ عليه الكتاب والأمان وأشار عليه بالظهور، فدعا المغيرة قومه فناظرهم، فكلهم رأى له أن يظهر فقبل ذلك منهم وخرج حتى أتى حسان. وقد أعلم حسان محمد بن سليمان أمره، فاعترضه رسل محمد فأخذوه وأتوه به فحبسه، وكتب إلى المنصور في أمره فوجه المنصور أسد بن المرزبان، ومعه الريان مولى أمير المؤمنين لقتله، فأخرج من السجن، وسلمه محمد إليهما فقطع أسد يديه ورجليه ثم قتله وصلبه في القافلانيين (١)


(١) - من محال البصرة حيث حرفة من كان يشري السفن ويكسرها ويبيع خشبها وقيرها وقفلها، وهو حديدها. اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير - ط. بيروت دار صادر.