للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشعبي ان ابن عمر كان بمكة فقدم المدينة، فأخبر بخروج الحسين فلحقه على مسيرة ثلاث ليال من المدينة فقال له: أين تريد؟ قال: العراق، قال: لا تأتهم، لأنك بضعة من رسول الله، والله لا يليها منكم أحد أبدا، وما صرفها الله عنكم الا للذي هو خير لكم.

فقال: هذه بيعتهم وكتبهم، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال:

استودعك الله من قتيل والسّلام.

وحدثني الحسين بن علي عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش قال: كتب الأحنف إلى الحسين وبلغه أنه على الخروج ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ﴾ (١).

قالوا: وعرض ابن الزبير على الحسين أن يقيم بمكة فيبايعه ويبايعه الناس، وإنما أراد بذلك أن لا يتّهمه وأن يعذر في القول - فقال الحسين:

لأن أقتل خارجا من مكة بشبر أحبّ إلي من أن أقتل فيها، ولأن أقتل خارجا منها بشبرين أحب إلي من أن أقتل خارجا منها بشبر.

قالوا: واعترضت الحسين رسل عمرو بن سعيد الأشدق وعليهم أخوه يحيى بن سعيد بن العاصي بن أبي أحيحة، فقالوا له: انصرف إلى أين تذهب، فأبى عليهم. وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسياط، ثم ان حسينا وأصحابه امتنعوا منهم امتناعا قويا، ومضى الحسين على وجهه فنادوه:

يا حسين ألا تتقي الله، أتخرج من الجماعة؟

قالوا: ولقي الحسين بالتنعيم (٢) عيرا قد أقبل بها من اليمن بعث بها


(١) - سورة الروم - الآية:٦٠.
(٢) - خارج مكة ما يزال يحمل الاسم نفسه.