بنت عمرو أن يأتيه فأبى، فقالت: سبحان الله أيبعث إليك ابن بنت رسول الله فلا تأتيه؟ فلما صار إليه ثم انصرف إلى رحله قال لامرأته: أنت طالق، فالحقي بأهلك فإني لا أحب أن يصيبك بسببي إلاّ خيرا، ثم قال لأصحابه: من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد، وصار مع الحسين.
ولقي الحسين ومن معه رجل يقال له بكر بن المعنقة بن رود فأخبرهم بمقتل مسلم بن عقيل وهانئ، وقال: رأيتهما يجرّان بأرجلهما في السوق، فطلب إلى الحسين في الانصراف، فوثب بنو عقيل فقالوا: والله لا ننصرف حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا. فقال حسين: ما خير في العيش بعد هؤلاء، فعلم أنه قد عزم رأيه على المسير، فقال له عبد الله بن سليم، والمدري بن الشّمعل الأسديان: خار الله لك، فقال: رحمكما الله.
ثم سار إلى زبالة (١) وقد اسكثر من الماء، وكان كلما مر بماء اتّبعه منه قوم، وبعث الحسين أخاه من الرضاعة وهو عبد الله بن يقطر إلى مسلم قبل أن يعلم أنه قتل، فأخذه الحصين بن تميم وبعث به إلى ابن زياد، فأمر أن يعلى به القصر ليلعن الحسين وينسبه وأباه إلى الكذب، فلما علا القصر قال: اني رسول الحسين ابن بنت رسول الله اليكم لتنصروه وتؤازروه على ابن مرجانة وابن سمية الدعي وابن الدعي لعنه الله، فأمر به فألقي من فوق القصر إلى الأرض فتكسرت عظامه وبقي به رمق، فأتاه رجل فذبحه، فقيل له: ويحك ما صنعت؟ فقال: أحببت أن أريحه. فلما بلغ الحسين قتل
(١) - منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية. معجم البلدان.