للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن يقطر خطب فقال: أيها الناس قد خذلتنا شيعتنا وقتل مسلم وهانئ وقيس بن مسهر ويقطر، فمن أراد منكم الانصراف فلينصرف. فتفرق الناس الذين صحبوه أيدي سبأ، فأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من الحجاز.

وأقبل الحسين حين نزل أشراف فلما كان السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء فأكثروا ثم سار من أشراف فرسموا صدر يومهم حتى انتصف النهار، فما كان بأسرع من أن طلعت عليهم هوادي الخيل (١) فلما رأوها من بعيد حسبوها نخلا ثم تبينوها، فأمر الحسين بأبنيته فضربت، وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي ثم اليربوعي حتى وقف الحر وخيله مقابلي الحسين وذلك في حر الظهيرة، فقال الحسين لفتيانه: اسقوا القوم وارووهم ورشفوا الخيل ترشيفا ففعلوا.

وكان مجيء الحر إليه من القادسية، قدّمه الحصين بن تميم بين يديه في ألف، فلم يزل مواقفا للحسين، وصلى الحسين فصلى خلفه، ثم قال للحر وأصحابه، إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن ذلك أرضى لله، وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقنا وكان رأيكم غير ما أتتني به كتبكم وقدمت به عليّ رسلكم انصرفت عنكم، فقال له: والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكرها، فأخرج الحسين خرجين مملوءين صحفا فنشرها بين أيديهم فقال الحر: فإنا ليس من هؤلاء الذين كتبوا إليك، وقد أمرنا إن نحن لقيناك أن لا نقاتلك وأن نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد. فقال الحسين: الموت أدنى إليك من ذلك.


(١) - هوادي الخيل: أوائلها.