للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجففة (١) وخمسمائة من المرامية، فرشقوا الحسين وأصحابه بالنبل حتى عقروا خيولهم فصاروا رجالة كلهم، واقتتلوا نصف النهار أشد قتال وأبرحه، وجعلوا لا يقدرون على إتيانهم إلا من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم وتقاربها ولمكان النار التي أوقدوها خلفهم.

وأمر عمر بتخريق أبنيتهم وبيوتهم فأخذوا يخرقونها برماحهم وسيوفهم، وحمل شمر في الميسرة حتى طعن فسطاط الحسين برمحه ونادى:

عليّ بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله. فصحن النساء وولولن وخرجن من الفسطاط، فقال الحسين: ويحك أتدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي؟

وقال شبث بن ربعي: يا سبحان الله ما رأيت موقفا أسوأ من موقفك، ولا قولا أقبح من قولك، فاستحيا شمر منه،

وحمل عليه زهير بن القين في عشرة نفر فكشفه وأصحابه عن البيوت، وشد الحصين بن تميم على حبيب بن مظهر، فشد حبيب على الحصين فضرب وجه فرسه بالسيف فشبّ ووقع عنه فاستنقذه أصحابه، وجعل حبيب يقول:

أنا حبيب وأبي مظهر … فارس هيجاء وحرب مسعر

وأنتم منا لعمري أكثر … ونحن أوفى منكم وأصبر

ونحن أعلى حجة وأظهر … حقا وأبقى منكم وأعذر

فقاتل قتالا شديدا، وحمل على رجل من بني تميم يقال له: بديل بن صريم فضربه بالسيف على رأسه فقتله، وحمل عليه رجل من بني تميم آخر فطعنه فوقع ثم ذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم بالسيف على رأسه فسقط، ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه وأخذه الحصين فعلقه في عنق فرسه


(١) - التجفاف: آلة الحرب يلبسه الفرس والانسان ليقيه في الحرب. القاموس.