إليّ تقول هذا؟ فقال أبو الجنوب: هممت أن أخضخض سناني في عينك.
وانصرف عنه شمر.
وكان أبو الجنوب شجاعا مقداما، ثم إن شمرا أقبل في خمسين من الرجالة فأخذ الحسين يشد عليهم فينكشفون عنه، حتى إذا أحاطوا به ضاربهم حتى كشفهم عن نفسه.
وشد بحر بن كعب بن عبيد الله على الحسين فلما أهوى إليه بالسيف غدا غلام ممن مع الحسين إلى الحسين فضمه الحسين إليه فقال الغلام: يا بن الخبيثة، أتقتل عمي، فضربه بالسيف فاتقاه الغلام بيده فعلقها بجلدة منها.
ولما بقي الحسين في ثلاثة نفر أو أربعة دعا بسراويل محشوة فلبسها، فذكروا أن بحر بن كعب التيمي سلبه إياها حين قتل، فكانت يداه في الشتاء تنضحان الماء، وفي الصيف تيبسان فكأنهما عودان.
وكان الحسين يحمل على الرجالة عن يمينه وشماله حتى ينذعروا، وعليه قميص من خز أو جبة وهو معتم فما رأى الناس أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه، ينكشفون عنه انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب.
قالوا: ومكث الحسين طويلا كلما انتهى إليه رجل فأمكنه قتله انصرف عنه كراهة أن يتولى قتله، ثم إن رجلا يقال له مالك بن النسير الكندي وكان فاتكا لا يبالي على ما أقدم، أتاه فضربه على رأسه بالسيف وعليه برنس فقطع البرنس وأصاب السيف رأسه فأدماه حتى امتلأ البرنس دما فألقى البرنس ودعا بقلنسوة فلبسها وقال للرجل: لا أكلت بها ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين.
وأخذ الكندي البرنس فيقال إنه لم يزل فقيرا وشلت يداه.