للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يومئذ سبعمائة، فوثبوا فتخلصوه حتى أتوا به أهله، فقال ابن زياد للاشراف:

أما رأيتم ما صنع هؤلاء. قالوا: بلى. قال: فسيروا أنتم يا أهل اليمن حتى تأتوني بصاحبكم، وامتثل صنيع أبيه في حجر حين بعث أهل اليمن. وأشار عليه عمرو بن الحجاج بأن يحبس كل من كان في المسجد من الأزد، فحبسوا وفيهم عبد الرحمن بن مخنف وغيره فاقتلت الأزد وأهل اليمن قتالا شديدا، واستبطأ [ابن] زياد أهل اليمن فقال لرسول بعثه إليهم: انظر ما بينهم. فرأى أشد قتل. فقالوا: قل للأمير: إنك لم تبعثنا إلى نبط الجزيرة ولا جرامقة الموصل، إنما بعثتنا إلى الأزد، إلى أسود الأجم ليسوا ببيضة تحسى ولا حرملة (١) توطأ، فقتل من الأزد عبيد الله بن حوزة الوالبي ومحمد بن بحيب الكبرى (٢)، وكثرت القتلى بينهم وقويت اليمانية على الأزد وصاروا إلى خصّ في ظهر دار ابن عفيف فكسروه واقتحموا، فناولته ابنته سيفه فجعل يذب به، وشدوا عليه من كل جانب فانطلقوا به إلى ابن زياد وهو يقول:

أقسم لو يفسح لي من بصري … شقّ عليكم موردي وصدري

وخرج سفيان بن يزيد بن المغفل ليدفع عن ابن عفيف، فأخذوه معه، فقتل ابن عفيف وصلب بالسبخة، وأتي بجندب بن عبد الله فقال له ابن زياد: والله لأتقربن إلى الله بدمك فقال: إنما تتباعد من الله بدمي، وقال لابن المغفل: قد تركناك لابن عمك سفيان بن عوف فإنه خير منك.

وجعل عمر بن سعد يقول: ما رجع أحد إلى أهله بشر مما رجعت به،


(١) - الحرمل: حب بنات يخرج السوداء والبلغم اسهالا. القاموس.
(٢) - في هامش الأصل: «من بني كبير».