قوم نفج (١) العلانية خور السريرة، هرج الرخاء جزع عند اللقاء، تقدمهم ألسنتهم ولا تشايعهم قلوبهم لا يثوون بغناء فيرجون ولا يثبتون على عداوة فيخافون، ولقد تواترت إليّ كتبهم فصممت عن ندائهم وألبست قلبي غطاء عن ذكرهم يأسا منهم واطراحا لهم، وإنما هم كما قال عليّ رحمه الله تعالى:
«إن أهملتم خضتم، وإن حوربتم خرتم، وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم، وإن دعيتم إلى مشاقة أجبتم».
وقال علي بن هاشم: إني سمعت زيدا يقول: البراءة من أبي بكر وعمر: البراءة من علي.
قالوا: ولما استتبّ لزيد خروجه واعد أصحابه الزيدية الذين وافقوه على تولي أبي بكر وعمر ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة، فخرج قبل الأجل، وذلك أنه بلغ يوسف بن عمر أمره، فأمر الحكم أن يجمع وجوه أهل الكوفة في المسجد الأعظم ثم يحصرهم فيه، فبعث الحكم إلى العرفاء والشرط والمناكب ووجوه المقاتلة فأدخلهم المسجد، ثم نادى مناديه: أيما رجل من وجوه العرب والموالي أدركناه في رحله الليلة فبرئت منه الذمة، إئتوا المسجد الأعظم.
فأتوا المسجد وطلبوا زيدا في دار إسحاق بن معاوية الأنصاري ثم الأوسي وبلغهم أنه تحول إليها فلم يقدروا عليه وذلك لأنه هرب منها حين بلغه إقبالهم إليها لطلبه.
وخرج ليلة الأربعاء لسبع ليال بقين من المحرم سنة إثنتين وعشرين ومائة في جماعة كانوا حوله، وآخرين بعث إليهم رسله فوافوه، وأمر فأشعلت
(١) - النفاج: المتكبر والمفرط فيما يقول، وتنفج: افتخر بأكثر مما عنده. القاموس.