النيران في الجرادي، فكلما أكلت جرديا رفعوا آخر فلم يزالوا كذلك إلى طلوع الفجر، وكانت ليلة باردة فلم يتتامّ إليه فيها إلا أربعمائة، فقال: أين الناس، أتراهم تخلفوا للبرد؟ فقيل له: لا، ولكنهم جمعوا في المسجد وأغلقت الدروب ليقطعوا عنك.
وقد ذكر بعض أهل الكوفة أنه اجتمع إلى زيد أربعة آلاف فلم يصبح إلا وهو في ثلاثمائة أو أقل منها.
وقال أبو مخنف فيما حدثني به عباس بن هشام عن أبيه عنه أن زيدا أصبح في مائتين وثمانية عشر رجلا.
وقال عوانة: أصبح في مائتين وخمسين.
وقيل إن يوسف دس مملوكا خراسانيا ألكن، وأعطاه خمسة آلاف درهم فأمره أن يلطأ لبعض الشيعة فيخبر أنه قدم من خراسان حبا لأهل البيت، وأن معه مالا يريد تقويتهم به، فلم يزل يتدسس حتى أدخل على زيد، ثم دل يوسف عليه، فوجه إليه الخيل فخرج زيد ونادى بشعاره، فخرج إليه أقل من ثلاثمائة، فقال: لا تبعد يا داود.
قالوا: وكان زيد وجه القاسم بن عبد الله التنعي من حضر موت لينادي بشعار رسول الله ﷺ في الناس وهو: يا منصور أمت، وهو كان شعار زيد الذي واطأ عليه أصحابه، فلقيه جعفر بن عباس بن زيد الكندي فشد عليه وعلى أصحابه فقتل من أصحابه رجلا وارتثّ القاسم، فأتي به يوسف بن عمر فضرب عنقه على باب القصر، فأقبل نصر بن خزيمة العبسي يريد زيدا في جماعة من الزيدية، فلقيه خليفة الحكم بن الصلت فشد عليه نصر بن خزيمة فقتله وانهزم من كان معه.