للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن عليهم حتى وافوا مكة وابن الحنفية وأهل بيته وأولئك القوم بزمزم قد أعد لهم عبد الله بن الزبير الحطب ليحرقهم بالنار فيما يظهر للناس ولهم، حتى يبايعوا. فعقل القادمون رواحلهم بالباب ودخلوا فكبروا ونادوا:

يا لثارات الحسين ثم شدوا على الحرس الموكلين بابن الحنفية وأصحابه فطردوهم، ودخلوا عليه يفدونه بآبائهم وأمهاتهم ويقولون: خلّ بيننا وبين ابن الزبير. فقال: لا أستحل القتال في حرم الله.

وقال ابن الزبير: وا عجبا من هذه الخشبية (١) الذين اعتزلوني في سلطاني ينعون حسينا كأني أنا قاتل حسين، والله لو قدرت على قتلته لقتلتهم.

وكان دخولهم على ابن الزبير وفي أيديهم الخشب كراهة أن يشهروا السيوف في الحرم والمسجد الحرام. وقال بعضهم بل وثبوا على الخشب الذي كان ابن الزبير جمعه حول زمزم لإحراق ابن الحنفية وأصحابه، فأخذ كل امرئ منهم بيده خشبة فسموا خشبية.

وأقبل ابن الزبير على أبي عبد الله الجدلي وأصحابه فقال: أتروني أخلي سبيل صاحبكم دون أن يبايع وتبايعوا؟ فقال الجدلي: ورب الركن والمقام


(١) - عرفت الحركة التي قادها المختار باسم الكيسانية، وأدخلت هذه الحركة عددا من الأفكار الجديدة، من ذلك القتل الطقوسي بوساطة الأسلحة الخشبية، ولقد اختفى الخشبية بعيد المختار، ثم عاودوا الظهور بعد قرابة ألف سنة في المغرب الأقصى، فقد تحدث اليوسي في محاضراته وفي رسالة خاصة عن جماعة وجدوا في أيامه في القرن الحادي عشر الهجري اسمهم «العكاكزة» استخدموا القتل الطقوسي، فكانوا يتخلصون من خصومه بضربهم بالعصي فقط حتى الموت.