أمر أصحاب ابن الحنفية، وانقطعت عنهم موادهم، واشتدت حاجتهم، وقال ابن الزبير لابن عباس: لم يبلغك قتل الكذاب؟. قال: ومن الكذاب؟. قال: ابن أبي عبيد. فقال: قد بلغني قتل المختار، قال:
كأنك تكره تسميته كذابا وتتوجع له؟. فقال: ذلك رجل قتل قتلتنا، وطلب بدمائنا، وشفى غليل صدورنا، ليس جزاؤه منا الشتم والشماتة.
فقال ابن الزبير: لست أدري أأنت معنا أم علينا.
ومر ابن عباس بعروة بن الزبير فقال: قد قتل الكذاب المختار وهذا رأسه، فقال ابن عباس: إنه قد بقيت لكم عقبة فإن صعدتموها فأنتم أنتم - يعني عبد الملك وأهل الشام-.
وبعث ابن الزبير إلى ابن الحنفية إن البلاد قد افتتحت، وإن الامور قد استوسقت فاخرج إليّ فادخل فيما دخل فيه الناس وإلا فإني منابذك.
وكان رسوله بذلك عروة بن الزبير، فقال له ابن الحنفية: بؤسا لأخيك ما ألحّه في إسخاط الله وأغفله عن ذات الله.
وقال لأصحابه في خطبة خطبها: إنه بلغني أن هذا العدو الذي قربت داره وساء جواره واشتدت ضغينته يريد أن يثور إلينا بمكاننا هذا من يومنا هذا، وقد أذنت لمن أحب الأنصراف عنا في ذلك فإنه لا ذمام عليه منا ولا لوم فإني مقيم حتي يفتح الله بيني وبينه وهو خير الفاتحين.
فقام إليه أبو عبد الله الجدلي، ومحمد بن نشر، وعبد الله بن سبيع فتكلموا وأعلموه أنهم غير مفارقيه.
قالوا: وجدّ ابن الزبير في قتال ابن الحنفية، وكره ابن الحنفية أن يقاتله في الحرم، وقد كان خبر ابن الحنفية انتهى إلى عبد الملك بن مروان،