لا أكون في قبيلة إلا شهر أمري، فلما رأيت ذلك عزمت على أن أفدي حرمي بنفسي؛ قال: فأرسل إليّ أن القني على باب الأمير سليمان بن علي، فانتهيت اليه فاذا عليه طيلسان مطبق جديد وسراويل وشي مسدولة، فقلت: يا سبحان الله ما تصنع الحداثة، أهذا لبس هذا اليوم؟ فقال:
لا ولكنه ليس عندي ثوب إلا وهو أشهر ممّا ترى، قال: فأعطيته طيلساني وأخذت طيلسانه وشمرت سراويله إلى ركبتيه، قال فدخل على سليمان ثم خرج مسرورا، فقلت له: حدثني بما جرى، فقال: دخلت على أكرم الناس وأحلمهم وأنبلهم، فلما وصلت اليه ولم يرني قط قلت: أصلح الله الامير لفظتني البلاد إليك، ودلّني فضلك عليك فإمّا قبلتني غانما أو رددتني سالما، قال: ومن أنت؟ فانتسبت له، فقال: مرحبا بك، اقعد فتكلّم آمنا، ثم أقبل علي فقال: حاجتك يا بن اخي، قلت: إن الحرم اللائي أنت أقرب الناس إليهن معنا وأنت أولى الناس بهن بعدنا، وقد خفن لخوفنا، ومن خاف خيف عليه. قال: فبكى ثم قال: يا بن أخي يحقن الله دمك ويحفظك في حرمك، ويوفر عليك مالك، ولو أمكنني ذلك في جميع أهلك لفعلت، فكن متواريا كظاهر ولتأتني رقاعك في حوائجك وأمورك، قال: فكنت والله أكتب إليه كما يكتب الرجل إلى أبيه وعمّه.
قال: فلما فرغ من حديثه رددت عليه طيلسانه، فقال: مهلا فإن ثيابنا إن فارقتنا لم ترجع إلينا.
وقال عبد الله بن علي لسليمان: اخرج بنا إلى بعض المتنزهات، فخرجا ومعهما حميد الطويل، فمّرا بمنزل عطاء السليمي فدخلوا عليه فلم يزل يعظهم حتى بكى سليمان وأمر بما حمل معه من الطعام أن يتصدق به على