للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لؤي، الفقيه، عاملا على الصدقات من قبل عامل المنصور، فلما خرج محمد بن عبد الله أتاه بما اجتمع عنده من المال فقواه به، فحبسه عيسى بن موسى بن محمد بن علي حين قتل محمدا، وخرج سودان بالمدينة وعليهم رجل منهم يقال له اويتوا فكسروا باب السجن وأخرجوه فيمن اخرجوا، وأرادوا فك حديده فأبى وعاد إلى محبسه. وقيل له حين أخرج: صلّ بالناس، فقال: كيف يصلي بالناس أسير؟! وبلغ ذلك أبا جعفر المنصور فرضي عنه وأوصى به جعفرا وقال: أطلقه وارفعه فقد أحسن بعد أن أساء، ولعله فعل ما فعل ابقاء على نفسه وحقنا لدمه، فلما قدم جعفر المدينة أخرج ابن أبي سبرة وأطلقه وبره وأكرمه، فقال له: أصلح الله الأمير إن حالي مختلة وديني كثير لما نالني، وبيني وبين معن بن زائدة مودّة فاكتب لي إليه بالوصاة والصّلة. فإنه إذا قرأ كتابك بذلك لم يستوحش مني، فكتب له بما سأل.

فلقي الراتجي (١) فدعاه إلى الخروج معه وأعطاه دنانير خلفها نفقة لعياله، وسار إلى مكة فاعتمرا، ثم مضيا جميعا إلى اليمن، فقال معن لابن أبي سبرة: إن جعفرا أقدر على صلتك مني، وكيف قدمت عليّ وقد عرفت ما كان منك ومن غضب أمير المؤمنين عليك؟! فأخبره خبره وحلف له على رضى المنصور عنه؛ فقال له: كم دينك؟ قال: أربعة آلاف دينار، فأمر له بسبعة آلاف دينار وقال: إني إنما كلمتك بما كلمتك به على رؤوس الناس وما كنت لأخيّبك ولو استمحتني وأنت في محبسك لوصلتك، وأخبره بخبر الراتجي، فلما راح إلى معن أدخله معه، فأنشد الراتجي معنا:


(١) - الراتجي منسوب إلى راتج من أطام يهود المدينة، وهو عباءة بن عمر الراتجي. سمط اللآلي - ط. القاهرة ١٩٣٦ ج ٢ ص ١٠٣.