للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخروج إلى أبي جعفر فقال: أنا مستوحش ولا عذر لي ولا حجّة فيما كان مني، ثم إنه خرج إليه يوما في خف فأسكره وحمله وارتحل فأورده على حميد بن قحطبة وهو وال على الجزيرة، فأنفذه إلى المنصور فقال له المنصور:

ويحك ما حملك على ما صنعت؟ قال: لا عذر لي فأتكلم. فقال: أنا أكره قتل رجل من آل قحطبة ولكني أهب مسيئهم لمحسنهم وقد وهبتك لابني قحطبة حميد والحسن، فقال: يا أمير المؤمنين إن لم يكن فيّ مصطنع فاقتلني. قال: إنك أحمق أهوج، اخرج فأنت عتيق لهم أبدا.

وحدثني الغاضري الرقي قال: نزل أبو غانم بالهني (١) في بعض أيامه فتهدد أهل الرقة وقال: قولوا لنسائكم يحلقن يتهيأن للجماع، وأساء اللفظ، فعبر إليه مصعب بن الضحضح الأسدي، وعبد الله بن البختري العقيلي في جماعة فقتلا من أصحابه بشرا، فقال ابن الضحضح:

الحمد لله المنزّل نصره … يوم الخميس عليك يا بن الضحضح

عبر الفرات على فظاعة هوله … بالدارعين على الجياد القرح

مستشعري حلق الحديد كأنهم … بزل الجمال تخاطرت في مسرح

وفي ذلك يقول الشاعر وهو ربيعة يحرض ابن الضحضح:

ألا ترى المعشر السودان قد جمعوا … لا بني نزار فماذا بعد ينتظر

شمّر فان حروب الناس قد لقحت … وجمّع الأمر إن الأمر منتشر

وكن من الحرب إذ شبّت على حذر … ما صاحب الحرب إلا الحازم الحذر

في أبيات.


(١) - قناة (نهر) استخرجت من الفرات للسقاية قرب الرقة.