قالوا: ولما أقام عبد الله بن علي بالبصرة خرج سليمان بن علي إلى أمير المؤمنين المنصور فطلب له أمانا وقال: يا أمير المؤمنين إن عفوك لا يضيق عنه وهو ابن أبيك وفيه مستصلح، فقال: هو آمن إذا رأيته، واستأذن له في الحج فقال: إن حج ظاهرا فقد أذنت له، فلم يحج.
ومات يونس بن عبيد الفقيه مولى عبد القيس فمشى عبد الله وسليمان في جنازته. وأراد المنصور استخراج مزارع من البطيحة فضجّ أهل البصرة وقالوا: إنما نستعذب الماء من البطيحة، وأتوا عبد الله بن علي فقالوا: انزل يا أمير المؤمنين إلينا نبايعك، فكفهم سليمان وفرقهم، وكان عبد الله يجمّع بالبصرة ويقعد في حلقة الرقاشي، ووجه المنصور سليمان بن مجالد وأمره بابلاغ سليمان بن علي أن يشخص عبد الله معه وكتب إليه في ذلك فلم يفعل وقال: قد جعلت له عهد الله أن أتوثق له، فولّى المنصور سليمان بن مجالد بريد البصرة وأخبارها، ووجه روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب إلى البصرة في أربعة آلاف من أهل البأس والنجدة والطاعة، وأظهر أنه قد ولاه عمان ونواحيها، ثم وجه سفيان بن معاوية واليا على البصرة في جيش كثيف، وبعث أبا الأسد القائد صاحب النهر في جيش، وأمر أبا الأسد أن يقيم على آخر البطيحة، فعسكر على فم النهر المنسوب إليه.
ودخل سفيان البصرة فتسلمها من سليمان بن علي، فوهن أمر سليمان ووجد المنصور عليه لما كان منه في أمر عبد الله، وتتامّ بالبصرة أكثر من اثني عشر ألفا من أهل خراسان، وكتب سليمان إلى عيسى بن علي يسأله أن يستأذن له المنصور في القدوم عليه منفردا، فقدم ودخل مع عيسى إلى المنصور فكلماه في أيمان عبد الله بن علي فأجابهما إلى ذلك.