وكان عبد الله بن المقفع كاتب عيسى بن علي، فأمره فكتب له أمانا تعدّى فيه ما يكتب الخلفاء من الأمانات وكتب:«فان لم يف أمير المؤمنين بما جعل له فيه فهو بريء من الله ورسوله، والأمّة في حل وسعة من خلعه».
ثم شخص عيسى وسليمان ابنا علي من البصرة وأشخصا عبد الله بن علي منها وشخصا معه، ووكّل بهم سفيان قائدا يقال له عقبة بن عازب في ألف، وسار أبو الأسد أيضا معهم، فلما صاروا إلى واسط تسلّم عاملها عبد الله بن علي، ثم سلمه إلى أبي الأسد فأورده الكوفة. وكان المنصور قد وقّع في الأمان: هذا الأمان نافذ إن رأيت عبد الله، فلما قدم به وأتى بابه قال لأبي الأزهر المهلّب بن العبيثر: إذا أمرتك بإدخال عبد الله عليّ فلا ترني وجهه وأدخله المقصورة، ففعل ذلك ووكل به الحرس، فكلمه فيه بنو علي فجعل يقول: أقسمت عليكم لما لم تكلموني فيه فإنه أراد أن يفسد علينا وعليكم أمرنا. ومكث محبوسا تسع سنين، ثم حوله من عنده إلى عيسى بن موسى وأمره بقتله خفية، فحبسه وأراد قتله فقال له أبو عون يونس بن فروة الأنباري، وكان كاتبه: إن قتلته قتلك به، فأمسك عن قتله. ثم إن المنصور سأل عيسى بن موسى عنه فقال: قتلته، فأظهر غضبا وقال: أتقتل عمي! لأقتلنّك به، فقال: إني والله خفت منك فاستبقيته. قال فادفعه إلى المهلب بن العبيثر، فدفعه إليه فغمّه وجارية له حتى مات، ثم جعلها إلى جانبه فكأنها تعانقه، ثم عرقب البيت فسقط عليهما، ودفن عبد الله ببغداد في مقابر أبي سويد بباب الشام بعد أن أدخل عليه ابن علاثة القاضي وعدوله فنظروا إليه وما به كدمة. وبعث المنصور إلى عبد الله بن عياش الهمداني المنتوف أن أخبرني عن خلفاء ثلاثة أول اسم كل امرئ منهم عين قتل رجلا