حدثني العمري عن الهيثم بن عدي قال: دفع ابن عياش المنتوف إلى أبي العباس حوائج له وكان فيها أن يجزّ لحية علي بن صفوان ليسويّه به، وكان علي طويل اللحية، فلما ودخل أبو العباس المقصورة وصعد المنبر رأى ابن عياش وابن صفوان قبالته، ورأى طول لحية ابن صفوان فاستضحك فوضع كمه على وجهه فلما انصرف قال لابن عياش: ويلك كدت تفضحني، فقال: والله ما أردت إلا أن تذكر حاجتي.
حدثني العمري عن الهيثم بن عدي عن ابن عيّاش قال: ابتدأ أبو العباس آل أبي طالب بالبر والتكرمة، فكان ذلك لا يزيدهم إلا التواء عليه، وكان عبد الله بن حسن بن حسن أشدهم له حسدا، وأقلهم له شكرا، فقال يوما: لقد صدق معاوية حين قال: ما أحد من الناس إلا وأنا استطيع رضاه إلا حاسد نعمة لا يرضيه عني إلا زوال نعمتي فلا أرضاه الله عني أبدا، وهؤلاء بنو أبي طالب قد وصلت أرحامهم وأحسنت برّهم وهم يأبون بحسدهم وسوء نياتهم إلا القطيعة، وإني لأتخوف أن يعود حلمي عليهم بما يكرهون في عواقب الأمور والله المستعان.
وحدثني عبد الله بن صالح عن علي بن صالح صاحب المصلّى قال:
أقدم أبو العباس عبد الله بن حسن عليه، فبّره وأكرمه وأعطاه ألف ألف درهم، فلما انصرف إلى المدينة أتاه أهلها مسلّمين عليه وجعلوا يدعون لأبي العباس لبّره به واجزاله صلته، فقال عبد الله: يا قوم ما رأيت أحمق منكم تشكرون رجلا أعطانا بعض حقنا وترك أكثره. فبلغ ذلك أبا العباس فدعا إخوته وأهل بيته وجعل يعجبهم من قول عبد الله، فقالوا: يا أمير المؤمنين إنما يتمّ احسانك إليه وإنعامك عليه بالصفح عنه، وتكلم أبو جعفر فيه