المدائني قال: دخل خالد بن صفوان على أبي العباس فقال له:
ما تقول في أخوالي بني الحارث بن كعب؟ قال: هنالك هامة الشرف، وخرطوم الكرم، وغرس الجود، إنّ فيهم لخصالا ما اجتمعت في غيرهم من قومهم، إنهم لأطولهم أمما وأكرمهم شيما وأطيبهم طعما، وأوفاهم ذمما، وأبعدهم همما، هم الجمرة في الحرب، والرفد في الجدب، والرأس في كل خطب، وغيرهم بمنزلة العجب، فقال: لقد وصفت أبا صفوان فأحسنت.
حدثني أبو دهمان بن أبي الأسوار قال: كان أبو العباس يسمع الغناء فإذا قال للمغني «أحسنت» لم ينصرف من عنده إلاّ بجائزه وكسوة.
وقيل له أن الخلافة جليلة، فلو حجبت عنك من يشاهدك على النبيذ، فاحتجب عنهم، وكانت صلاته قائمة لهم.
حدثني عبد الله بن مالك الكاتب قال: لما بلغ أبا جعفر استئذان أبي مسلم للحج وهو يومئذ بالجزيرة، وكان والي الجزيرة وأرمينية لأبي العباس، كتب إلى ابي العباس يسأله توليته الموسم فكتب إليه يأمره بالقدوم ليقلده الموسم، ووافى أبو مسلم فدخل على أبي العباس وأبو جعفر عنده، فسلم على أبي العباس ولم يسلم على أبي جعفر، فقال له أبو العباس: هذا أبو جعفر أخي؟ فقال: إن مجلس أمير المؤمنين لا تقضي فيه الحقوق.
قالوا: وكان سليمان بن كثير الخزاعي من النقباء، فلما قدم المنصور خراسان على أبي مسلم قال له: إنما كنا نحب تمام أمركم وقد تم بحمد الله ونعمته، فإذا شئتم قلبناها عليه، وكان محمد بن سليمان بن كثير خداشيّا فكره تسليم أبيه الأمر إلى أبي مسلم، فلما ظهر أبو مسلم وغلب على الأمر