للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يعزّ منه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا خليفة هاديا، جعلهم فيه شرعا، وجعله عليهم حتما، فقال لنبيه : ﴿وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ﴾ (١)، وقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ ﴿فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ﴾ (٢). ثم ان خليفتكم عبد الله أبا العباس أمير المؤمنين رحمة الله عليه كان عبدا من عباد الله الذين كتب عليهم الموت ونقلهم إلى دار الثواب، أكرمه بخلافته وأحيا به سنّة نبيه وردّ به حقّ أهل هذا البيت إليهم حتى استقر في مقرّه، وحلّ محله وخرج من أيدي الفجرة الظلمة أهل بيت اللّعنة الذين أخذوه اغتصابا وظلما وابتزازا بالتمويه والشّبه وادّعاء الأباطيل، ثم استعمله الله بطاعته الى انقضاء مدته وأثره ونفاد أجله وأكله، وقبضه إليه حميدا رشيدا، قد رضي سعيه وأقام به حقّه، فرحمة الله عليه وبركاته وصلواته، وقد استخلف أخاه أبا جعفر أصلحه الله وأمتع الخاصّة والعامّة به لكمال سنّه، وفضل رأيه، وصحة عزمه، ونفاذ بصيرته، وجعل وليّ العهد بعده عيسى بن موسى بن علي، وهو من قد عرفتم جزالته وبراعته وفضله، فعند الله نحتسب أبا العباس أمير المؤمنين، وإياه نسأل أن يعظّم أجورنا وأجوركم فيه، وأن يبارك لأمير المؤمنين فيما ولاّه واسترعاه، ويحضره الرشد والسداد في أموره. فبايعوا رحمكم الله لأمير المؤمنين عبد الله أمتع الله به، ولعيسى بن موسى بن محمد بن علي إن كان من بعده، بيعة صادقة عن طوع واعتقاد ونيّة حسنة بيعة تنشرح بها صدوركم، وتخلص فيها نياتكم، لتنالوا بها عاجل المكافأة وآجل الثواب إن شاء الله، أحسن الله عليكم


(١) - سورة الأنبياء - الآية:٣٤.
(٢) - سورة الزمر - الآية:٣٩.