أخرج أبا العباس من موضعه الذي أخفاه فيه أبو سلمة وخزيمة، وقام بأمره حتى بويع، وكان أبو العباس يعرف له ذلك، وكان أبو مسلم يثق به ويكاتبه من خراسان ويأمره أن يكاتبه بالأخبار، فلما استخلف المنصور بلغه أنه يكتب إلى أبي مسلم بخبره، وأنه قال: ما على هذا بايعناهم وإنما بايعناهم على العدل، فدعاه ذات يوم فتغدّى عنده ثم سقي شربة عسل فلما وقعت في جوفه هاج به وجع فتوهم أنه قد سمّ فوثب، فقال له المنصور: إلى أين يا أبا الجهم؟ قال: إلى حيث أرسلتني، ومات بعد يوم أو يومين.
وحدثني بعض ولد أبي الجهم أنه سقي شربة من سويق لوز، فقال الشاعر:
احذر سويق اللوز لا تشربنّه … فشرب سويق اللوز أردى أبا الجهم
قالوا: وسار أبو جعفر في جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين ومائة إلى أرمينية فدوّخها، واستخلف الحسن بن قحطبة عليها، ثم قفل منها إلى الجزيرة في سنة ست وثلاثين ومائة، وأذن له أبو العباس في القدوم عليه، وولاه الموسم، فحج بالناس ومعه اسحاق بن مسلم فكان عديله.
حدثني المدائني قال: أهديت إلى ولد المنصور حملان من هذه البربرية فقال لقهرمانه: خذها إليك فاذبح لنا كل يوم منها حملا فإن الصبيان يكتفون بالصّعو (١).