المسلمين، فقال: أرى شبابا وجمالا ونشاطا، وقد رشحته لأمر يصير إليه إن صار، وأنت عنه في شغل، وقد وطأت له الدنيا، وأنت منتقل عنها إلى الآخرة فهناك الحساب، إن الله قد جعلك فوق كلّ أحد فلا ترضى أن يكون فوقك في طاعته أحد. ثم سكت عمرو، فقال له المنصور: سلني حوائجك، فقال: حاجتي ان لا تبعث إليّ حتى أجيئك ولا تعطني شيئا حتى أسألك، ثم نفض ثوبه وقام، فابتعه المنصور بصره وقال: شغل والله الرجل بما هو فيه عما نحن فيه، وقال:
كلكم طالب صيد … وهو ذو مشي رويد
غير عمرو بن عبيد
وحدثني عبد الله بن مالك الكاتب، عن الفضل بن الربيع عن أبيه، قال: دخل عمرو بن عبيد على المنصور، وعليه طيلسان مخرق، فأخذ المنصور طيلسانا كان عليه طبريّا فألقاه فوق ظهره، وقال له: عظني، فوعظه حتى بكى، ثم قال له: سلني حوائجك، قال: أولها أن تأمر برفع الطيلسان عني، وأن لا تعطني شيئا حتى أسألك، ولا تبعث إليّ حتى أجيئك، فإنه إن جمعني وإياك بلد صرت إليك فيه، ثم مضى.
حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثني أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثني عبد السّلام بن حرب، قال: قدم أبو جعفر البصرة فنزل عند الجسر الأكبر، وبعث إلى عمرو بن عبيد فجاءه فأمر له بمال فقال: والله لا أقبله، فقال المنصور: لتقبلنه، فقال له المهدي يوهمه، إن أمير المؤمنين قد حلف لتقبلنه، فقال عمرو: أمير المؤمنين أقوى على الكفارة عن يمينه من عمك، قال له المنصور: يا أبا عثمان، أعلمت أني قد جعلت محمّدا وليّ