أبي سفيان. وكان قتل هشام أبا أزيهر بذي المجاز. فخرج يزيد بن أبي سفيان، فجمع جمعا من بني عبد شمس وغيرهم من بني عبد مناف، وتسلح وأراد قتال بني مخزوم. وبلغ أبا سفيان، وكان حليما يحب قومه، فخاف أن يكون بين قريش نائرة حرب بسبب أبي أزيهر. فأتى يزيد، فأخذ الرمح من يده، وقال: قبحك الله، أتريد أن تضرب بعض قريش ببعض وقد ترى ما هي فيه من محمد؟ فقال: أخفرت صهرك وحليفك وأنت راض بذلك؟ فقال: من لم يصبر على صغير المكروه، فقد تعرّض للكبيرة، وأطفأ أبو سفيان ذلك الأمر. فقال حسان يحرّض على الطلب بدم أبي أزيهر، ويعير أبا سفيان:
غدا أهل ضوجى ذي المجار كليهما … وجار ابن حرب بالمغمس ما يغدو
وقد يمنع العير الضروط ذماره … وما منعت مخزاة والدها هند
كساك هشام بن الوليد خزاية … فأبل وأخلق مثلها جددا بعد (١)
فقال أبو سفيان: إنما ذهب حسان ليغري بيننا فيشتفي هو وأصحابه بذلك. وحمل ديته.
وقال جعدة بن عبد الله بن عبد العزّى:
لا أرى في الأنام مثل هشام … أبدا من مسوّد ومسود
يوم لقّى أبا أزيهر عضبا … لم يكن عند ذاك بالمحدود
ثم ولى بذي المجاز كريما … غير ما طائش ولا رعديد
وكان سعد بن صفيح بن الحارث الدوسي، وهو خال أبي هريرة عمير بن عامر بن عبد الله بن ذي الشركي، لا يأخذ أحدا من قريش إلا قتله
(١) - ديوان حسان - ط. دار صادر بيروت ج ١ ص ٣٦٢ - ٣٦٣ - سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٧٥ - ٢٧٩.