بعضا وظهر الفساد حتى أن المرأة لتؤخذ فتفضح فلا يمنعها أحد، وقد انتشرت الخوارج بالمصر، قال: فماذا ترون؟ قالوا: تبسط يدك وتشهر سيفك، قال: ما كنت لأصلحكم بفساد نفسي وديني، يا غلام هات نعلي، فأعطاه نعله فلبسها ومضى إلى أهله؛ وقال: ولّوا أمركم من شئتم؛ فأمّروا عليهم عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي من قريش، وقدم بعده القباع من قبل عبد الله بن الزبير، وكان عمر قد أخذ البيعة لابن الزبير، فزعم بعضهم أنه كتب إليه بولايته، ثم بعث بالقباع بعده. ثم إن ببّه خرج مع عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث، فلما هزم ابن الاشعث خاف ببّه الحجاج فهرب إلى عمان فمات بها بعد دخولها بقليل، وهو شيخ كبير. وكان في اذن ببّه ثقل. ويقال إن أهل البصرة ولّوا بعد ببّة عمر بن عبيد الله بن معمر أو أخاه عبيد الله بن عبيد الله بن معمر، ثم ولى ابن الزبير عمر بن عبيد الله فاستخلف أخاه عبيد الله. وكان ببّة قد تناول من مال عمله أربعين ألفا من بيت المال واستودعها رجلا فأخذه بها عمر وحبسه وعذب مولى له فأدّاها. وقال يزيد بن عبد الله بن الشخيّر لببة: اصبت من المال وزعمت أنك اتقيت الدّم، فقال: تبعة المال أهون من تبعة الدم.
وقال الهيثم بن عدي عن عبد الله بن عياش، ان اهل البصرة كتبوا الى ابن الزبير: إنّا قد اصطلحنا على ببّة، فأقره عليهم سنة ثم ولّى القباع المخزومي، والخبر الاول أثبت، فقال الشاعر الحنظلي:
وبايعت أقواما وفيت بعهدهم … وبايعت عبد الله أهل المكارم
وفيت له لما عقدت ولم يكن … أمية لولا العهد عندي كهاشم