واعلم أنّك اذا دعيت إلى مأدبة قوم - أو قال مائدة قوم - فقد عدّك أهلها ممّن يأكل، فإن شئت فكل وإن شئت فجع، وما أعطيتك مصر إلا لأنفعك، فارجع إلى عملك.
المدائني عن أبي زكرياء العجلاني عن عكرمة بن خالد قال: قدم معاوية المدينة يريد الحجّ، فلقيه الحسين ﵇ فقال له: يا معاوية قد بلغني ذكرك وذكر ابن النابغة بني هاشم بالعيوب، فارجع إلى نفسك وسلّط الحقّ عليها، فإنّك تجد أعظم عيوبها أصغر عيب فيك، لقد تناولتنا بالعداوة وأطعت فينا عمرا، فو الله ما قدم إيمانه ولا حدث نفاقه، والله ما ينظر لك ولا يبقي عليك، فانظر لنفسك أو دع.
المدائني عن غسّان بن عبد الحميد عن أبيه أنّ معاوية قال لشدّاد بن أوس: قم فاذكر عليا وتنقّصه، فقام شدّاد فقال: الحمد لله الذي افترض طاعته، وجعل في التقوى رضاه، على ذلك مضى أوّل الأمة، وعليه يمضي آخرهم؛ أيّها الناس إنّ الآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك قادر، وإنّ الدنيا أجل حاضر، يأكل فيها البرّ والفاجر، وإنّ السامع المطيع لا حجّة عليه، وإنّ السامع العاصي لا حجّة له، وإن الله إذا أراد بالناس صلاحا عمل (١) عليهم صلحاؤهم، وقضى بينهم فقاؤههم، وجعل المال في سمحائهم، وإذا أراد بالعباد شرّا عمل عليهم سفهاؤهم، وقضى بينهم جهلاؤهم، وجعل المال عند بخلائهم، وإنّ من صلاح الولاة أن تصلح