للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرابينها (١) ووزراؤها، نصحك يا معاوية من أسخطك بالحقّ، وغشّك من أرضاك بالباطل؛ فكره معاوية أن يجيء بشيء يكرهه فقال: اجلس رحمك الله، وأمر له بمال، فقال معاوية: ألست من السمحاء؟ قال: إن كان من مالك دون مال المسلمين ممّا تعهّدته عند جمعه مخافة تبعته، تعهّده لك من محضك النصح وآثر الحقّ، وإن كنت أصبته اقترافا وأنفقته إسرافا فإنّ الله يقول ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ﴾ (٢).

وقال العتبي: دخل عبد الرحمن بن شيحان، وكان أبوه حليفا لحرب، على سعيد بن العاص فقال له سعيد: قلت:

إنّي لأشربها حتّى تميل بنا … كما تمايل وسنان بوسنان

قال: معاذ الله أن أشرب الخمر وأصفها، ولكنّي الذي أقول:

عمدت بحلفي للطوال وللذّرى … ولم تلقني كالنّسي في ملتقى الحرب

فقال عمرو بن سعيد لأبيه: ما يمنعك من ضربه مائة سوط؟ قال؛ أي بنيّ أضربه وهو حليف معاوية؟! فقال معاوية لسعيد: أمرك أحمقك أن تضرب حليفي، والله لو ضربته مائة سوط لضربتك مائتين، ولو قطعت يده لقطعت يديك، قال غفرا يا أمير المؤمنين، فإنّك ضربت حليفك عمرو بن جبلة، قال: إنّي آكل لحمي ولا أوكله.

المدائني عن جويريه بن أسماء قال: قال معاوية لشدّاد بن أوس: أنا أفضل أم عليّ، وأيّنا أحبّ أليك؟ قال: عليّ أقدم إسلاما وهجرة، وأكرم بيتا وعتره، وأقدم لنبي الله نصرة، وأشدّ إلى الخير سبقا، وأشجع نفسا


(١) - في هامش الأصل «جمع قربان».
(٢) - سورة الاسراء - الآية:٢٧.