عوف الغامدي فقال له: قد ولّيتك الصائفة وهذا عهدي، فما أنت صانع به؟ قال: أتّخذه إماما ما أمّ الحزم، فإذا خالفه أعملت رأيي، وبالله التوفيق. قال معاوية: أنت لها، فلمّا ودّعه قال: هذا والله الذي لا يدفع عن نطق، ولا يكفكف من عجلة، ولا يضرب على الأمور ضرب الجمل الثفال؛ فغزا بالناس الصائفة، ثم هلك فاستخلف عبد الرحمن بن مسعدة الفزاري وقال له: احرص على أن ترجع بالناس سالمين، فغزا بهم فأصيبوا ورجع منهزما، وقد كان الشاعر قال فيه:
أقم يا بن مسعود قناة قويمة … كما كان سفيان بن عوف يقيمها
وسم يا بن مسعود مدائن قيصر … كما كان سفيان بن عوف يسومها
فلمّا قدم على معاوية قال:«أقم يا بن مسعود» فقال: يا أمير المؤمنين، قرنتني إلى رجل قلّ أشباهه في حزمه، فقال معاوية: إنّ من فضلك عندي معرفتك بفضل من هو أفضل منك، ولكنّك قلت هذه أوّل ولاياتي ومحني فحرصت فغررت، والله يغفر لك.
المدائني عن أبي البختري عن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: كتب معاوية إلى عبد الله بن عبّاس: أمّا بعد فإنّكم معشر بني هاشم لستم إلى أحد بالمساءة أسرع منكم إلى أنصار عثمان، فإن يك ذلك لسلطان بني أميّة فقد وليها بنو تيم وعديّ فأظهرتم الطاعة، وقد وقع من الأمر ما ترى معما كان من وقعة البصرة (١) التي لم يخف عليك ما كان فيها من عظيم المصائب، وذهاب طلحة والزبير، وأخذ هذه الحرب منّا ومنكم، حتّى استوينا فيها،