للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رجونا غير الذي كان، وخشينا دون الذي وقع، ولستم بلاقينا اليوم بأحدّ من حدّكم أمس، ولا غدا بأحدّ من حدّكم اليوم، وقد منعنا بما كان منّا الشام، ومنعتم بما كان منكم العراق، فاتّقوا الله في قريش فإنّما بقي من رجالها سبعة نفر: رجلان بالشام ورجلان بالعراق وثلاثة بالحجاز، فأمّا الذي بالحجاز فسعد بن أبي وقّاص، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن عمر، وأمّا اللذان بالشام فأنا وعمرو، وأمّا اللذان بالعراق فعليّ وأنت، ومن السبعة رجلان ناصبان، ورجلان مدبران، وثلاثة وقوف عنّا وعنك، وأنت رأس هذا الجمع اليوم، ولو بايع الناس لك بعد عثمان كنّا إليك أسرع منّا إلى عليّ، والسّلام. فلمّا قرأ ابن عبّاس كتابه ضحك ثمّ قال: حتّى متى يخطب إليّ معاوية عقلي وأجمجم له عمّا في نفسي؟! ثمّ كتب.

بسم الله الرحمن الرحيم.

من عبد الله بن عبّاس إلى معاوية بن أبي سفيان، أمّا بعد، فقد أتاني كتابك، فأمّا ما ذكرت من سرعتنا إلى أنصار عثمان بسلطان بني أميّة فقد أدركت حاجتك بعثمان، لقد استنصرك فلم تنصره حتى صرت إلى ما صرت إليه، وبيني وبينك في ذلك ابن عمّك الوليد بن عقبة وما كتب به إليك، وأمّا طلحة والزبير فإنهما طلبا الملك ونكثا البيعة، فقاتلناهما على النكث، وقاتلناك على البغي، وأما قولك لم يبق من قريش غير سبعة نفر، فما أكثر رجالها وأحسن بقيّتها بحمد الله ونعمته، وقد قاتلك من خيارها من قاتلك، وأمّا إغراؤك إيّاي بتيم وعديّ فأبو بكر وعمر خير من عثمان، كما أنّ عثمان خير منك، وماذا تقيس به نفسك بأبي بكر وعمر، وأمّا قولك إنّا لن نلقاكم بمثل ما لقيناكم به بالأمس، فقد بقي لك منّا يوم ينسيك ما قبله،