ويخيفك ما بعده، وأمّا قولك إنّه لو بايعني الناس استقمت لي، فقد بايعوا عليّا وهو خير منّي فلم تستقم له، وإنّ الخلافة لا تصلح إلاّ لمن كان في الشورى، ممّن سمّاه عمر، فما أنت والخلافة يا معاوية، وأنت طليق الإسلام، وابن رأس الأحزاب، وابن آكلة الأكباد؟! فلمّا أتى معاوية كتابه قرأه على عمرو، فقال له عمرو: أنت عرضت نفسك لهذا، فقال: لست والله أعود لمثلها.
حدثني أبو مسعود عن عليّ بن صالح عن عيسى بن يزيد المدني قال:
قالت فاختة بنت قرظة امرأة معاوية: يا أمير المؤمنين، لم تصانع الناس وترى أنّهم منصفون منك، فلو أخذتهم من عل كانوا الأذلّين وكنت لهم قاهرا، فقال: ويحك إنّ في العرب بقيّة بعد، ولولا ذلك لجعلت عاليها سافلها، فقالت: والله ما بقي أحد إلاّ وأنت عليه قادر، قال: فهل لك في أن أريك بعض ذلك منهم؟ قالت: نعم، فأدخلها بيتا وأسبل عليها ستره، ثمّ أمر حاجبه أن يدخل عليه رجلا من أشراف من بالباب، فأدخل عليه رجلا من قيس يقال له الحارث، فقال له معاوية: يا حويرث، إيه أنت الذي طعنت في الخلافة وتنقّصت أهلها؟ والله لقد هممت أن أجعلك نكالا، فقال: يا معاوية إنّما دعوتني لهذا؟ والله إنّ ساعدي لشديد، وإنّ رمحي لمديد، وإنّ سيفي لحديد، وإنّ جوابي لعتيد، ولئن لم تأخذ ما أعطيت بشكر لتنزعنّ عمّا نكره بصغر، فقال: أخرجوه عنّي، فأخرج، فقالت فاختة: ما أجرأ هذا وأقوى قلبه؟! فقال معاوية: ما ذاك إلاّ لإدلاله بطاعة قومه له، ثمّ أمر الحاجب فأدخل عليه رجلا من ربيعة يقال له