أيدينا، فسمعه معاوية فقال: أدخله، فدخل فسلّم وقال: إنّ وكيلك بالمدينة تعدّى عليّ، وعمد إلى ما قطع لي خليفة رسول الله ﷺ وأجازه لي عمر فألجأه إلى أرضك، وزعم أنّ عنده كتابا من عثمان بأنّه قطعه لك، وكيف يقطع لك عثمان حقا هو لي؟ فقال معاوية: تركت أرضك لم تعمرها حتّى عملتها، فلمّا غرست فيها خمسة آلاف ودّية قلت: قطيعة أبي بكر، وقد روي عن عمر أنّه بلغه أنّ قوما يتحجّرون الأرض ثمّ يدعونها عطلا فيجيء آخرون فيزرعونها، أنّها لمن زرعها، فقال: والله ما قلت الحقّ يا معاوية فأنصفني، فقال: عليّ بالقاضي، وهو فضالة بن عبيد الأنصاري ثمّ الزرقي، فلم يأته وقال: في بيته يؤتى الحكم، فصار معاوية وعبد الرحمن إليه، فألقيت لهما وسادة وقيل اجلسا عليها، فتكلّم عبد الرحمن بقوله الأوّل، وتكلّم معاوية بقوله الأوّل، فرأى فضالة أنّ القول قول عبد الرحمن والحقّ معه، فقضى به، فقال معاوية: نقبل ما قلت، أرأيت ما غرست فيها؟ قال: يقوّم ذلك لك، فإن شاء عبد الرحمن دفع إليك قيمة غراسك، وإن شاء ضمّنك قيمة الأرض. فقال عبد الرحمن: قد أنصفت، فقال فضالة: يا أمير المؤمنين أو بمثل زيد بن الخطّاب وعمر يفعل هذا بعقبهما؟! فقال معاوية: فالغراس له، وما مدّ إليه يده من أرضي فهو له صلة لرحمه، وكتب له بذلك إلى وكيله وقضى دينه وألحقه في شرف العطاء وقال: أنت مستحقّ لذلك يا بن أخي الفاروق والشهيد، وأعطاه مالا، فقال فضالة لمعاوية حين مضى عبد الرحمن: والله لو فعلت غير هذا فقدم على أهل مدينة الهجرة وبقيّة الناس فشكاك لكان في ذلك ما لا يحسن