للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الهيثم: قدم الفرزدق متعرّضا لمعروف ابن أمّ الحكم فشرب مع بعض الكوفيّين فأخذه صاحب العسس، فقالوا لابن أمّ الحكم: إن الفرزدق في حبسك، فأمر بإطلاقه وأعطاه عشرة آلاف درهم، فقال:

فداك من الأقوام كلّ مزنّد … قصير يد السربال مسترق الشبر

فأنت ابن بطحاوي قريش وإن تشأ … تكن من ثقيف في أرومتها الكبر

وأنت ابن سوّار اليدين إلى العلى … تلقّت بك الشمس المنيرة للبدر (١)

فقيل له: فضّلت أمّه على أبيه، فقال: إنّها بنت قريع البطحاء أبي سفيان، و [هو] ابن اخت أمير المؤمنين.

ومدح الفرزدق ابن أمّ الحكم فقال:

إليك ابن عبد الله حمّلت حاجتي … على صبر الأخفاف خوص المدامع

نواعج كلّفن الذميل فلم تزل … مقلّصة أبصارها كالشراجع

وما ساقها من خلّة أجحفت بها … إليك ولا من قلّة في مجاشع

ولكّنها اختارت بلادك رغبة … على من سواها من ثنايا المطالع (٢)

المدائني قال: خطبت أمّ الحكم إلى معاوية ابنته على ابنها فأبى تزويجه فقالت: قد زوّج أبوك أباه، وأنا خير من ابنتك، وهو خير من أبيه، فقال: أنّ أبا سفيان كان سوقة ونحن اليوم ملوك، وكان أبو سفيان يحبّ الزبيب والزبيب عندنا كثير، فقال ابن أمّ الحكم: إنّ عليّا زوّج ابنته ابن أخته، فقال معاوية: إنّ عليّا زوّج قرشيّا وأنت ثقفي.


(١) - ديوان الفرزدق ج ١ ص ١٩٨ مع فوارق.
(٢) - ديوان الفرزدق ج ١ ص ٣٩٢ - ٣٩٣.