وقال الأحوص:
يا أيّها الرجل الموكّل بالصبا … وصبا الكبير إذا صبا تضليل
قدّم لنفسك قبل يومك صالحا … واعمل فليس إلى الخلود سبيل
إنّ الحمام لطالب لك لاحق … والموت ربع إقامة محلول
لا بدّ من يوم لكلّ معمّر … فيه لعدّة عمره تكميل
والناس أرسال إلى أمد لهم … يمضي لهم جيل ويخلف جيل
إنّ امرءا أمن الزمان وقد رأى … غير الزمان وريبه لجهول
أين ابن هند وهو فيه عبرة … أفما اقتديت بمن له معقول
ملك تدين له الملوك مبارك … كادت لمهلكه الجبال تزول
تجبى له بلخ ودجلة كلّها … وله الفرات وما سقى والنيل
والشام أجمع داره فبكلّه … تلفى كتائب جمّة وخيول
وبكلّ أرض للعدى من غزوه … حصن يخرب أو دم مطلول
يقضى فلا خرق ولا متتعتع … لغباوة في القول حين يقول
لو أنّه وزن الجبال بحلمه … لوفى بها ثقلا بها ويميل
متأثّل ما إن يظنّ لملكه … عنه ولا لسروره تحويل
فأزال ذلك ريب يوم واحد … عنه وحكم ما له تبديل
حتّى ثوى جدثا كأنّ ترابه … ممّا تطيّره الصبا منخول
وهو الذي لو كان حيّ خالدا … يوما لكان على المنون يؤول (١)
(١) - ليست في ديوانه المطبوع.