في بعض الأمر فكتب كتابا بليغا فقال: غيّره، فكتب في ذلك المعنى كتابا آخر، فقال غيّره، فكتب كتابا ثالثا ورابعا، فعجب عمر من سعة معرفته وتصرّفه في بلاغته، ثمّ ردّه إلى البصرة فاشترى بالألف أباه عبيدا فعتق، فلمّا كان من قابل وفد على عمر فسأله عن الألف، فقال: ابتعت بها عبيدا أبي من صفيّة بنت [عبيد بن] أسيد بن علاج، فقال له: نعم الألف كان ألفك.
ثمّ لمّا قدم علي بن أبي طالب البصرة فأخذها، فاستعمل عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب، استكتب ابن عبّاس زيادا، ثمّ ولاّه فارس، فسأل زياد عن أمثل سيرة الفرس، فقيل له سيرة أنوشروان كسرى بن قباذ، كان يضع عن أهل فارس من خراج كلّ عشر سنين خراج سنة، ففعل زياد مثل ذلك حتّى عمرت فارس عمارة لم يعمر مثلها قطّ.
واستخلف ابن عبّاس حين غاضب عليّا وشخص إلى مكّة زيادا، فكتب معاوية إلى زياد يتوعّده ويتهدّده، فخطب الناس فقال: أيّها الناس كتب إليّ ابن آكلة الأكباد وكهف النفاق وبقيّة الأحزاب يتوعدّني، وبيني وبينه ابن عمّ رسول الله في سبعين ألفا، قبائع سيوفهم عند أذقانهم، لا يلتفت أحد منهم حتّى يموت، أما والله لئن وصل هذا الأمر إليه ليجدنّي ضرّابا بالسيف، فلمّا قتل عليّ وصالح الحسن معاوية رضي الله تعالى عنهم، واستقام الناس له، تحصّن زياد في قلعة بفارس هي تدعى قلعة زياد.
وبعث معاوية بسر بن أبي أرطاة إلى البصرة، وأمره بقتل من خالفه، وكان هواه مع عليّ، فلمّا قدم بسر البصرة أخذ بني زياد وهم: عبيد الله، وسلم، وعبد الرحمن، والمغيرة و [أبو] حرب، وكانوا غلمانا، فقال: