قالوا: وكان رجل من بني مخزوم أعمى يكنى أبا العريان، فمرّ به زياد في موكبه، فقال من هذا؟ قالوا: زياد بن أبي سفيان، قال: ما ولد أبو سفيان إلا فلانا وفلانا، فمن هذا فو الله لربّ أمر قد نقضه الله، وبيت قد هدمه الله، وعبد قد ردّه الله إلى مواليه، فبلغ معاوية قوله، فأرسل إلى زياد: ثكلتك أمّك اقطع لسان أعمى بني مخزوم، فبعث إليه بألف دينار وقال لرسوله: أقرئه السّلام وقل له: يقول لك ابن أخيك أنفق هذه حتّى يأتيك مثلها، ومرّ به زياد من الغد فسلّم فقال قائل: من هذا؟ فقال أبو العريان: هذا زياد بن أبي سفيان، وجعل يبكي ويقول: والله إنّي لأعرف منه حزم أبي سفيان ونبله وأشبّه جرمه بجرمه، وبلغ معاوية خبره فكتب إليه:
ما لبّثتك الدنانير الّتي رشيت … أن لوّنتك أبا العريان ألوانا
لله درّ زياد لو يعجّلها … كانت له دون ما يخشاه قربانا
فكتب إلى معاوية:
أحدث لنا صلة تحيا النفوس بها … قد كدت يا بن أبي سفيان تنسانا
من يسد خيرا يجده حين يطلبه … أو يسد شرّا يجده حيثما كانا
قالوا: وكان زياد أوّل من اتّخذ الحرس واتّخذ الثياب الزياديّة، وأوّل من مشي بين يديه بالحراب والأعمدة، واتّخذ زياد رابطة عدّتهم خمسمائة وولّى أمرهم شيبان صاحب مقبرة شيبان من بني سعد، فكانوا لا يبرحون المسجد.
وحدثني محمّد بن خالد الواسطي حدثنا يزيد بن هارون عن هشام بن حسّان عن الحسن أنّ زيادا ولّى الحكم بن عمرو الغفاري خراسان فغزا فغنم