للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال عمر: ما أسمع هجاء ولكنّها معاتبة جميلة، فقال الزبرقان: أو ما تبلغ مروءتي إلاّ أن آكل وألبس؟! فقال عمر: عليّ بحسان بن ثابت، فجيء به فسأله عمر عن البيت فقال: لم يهجه ولكنّه خرئ عليه، فأمر به عمر فحبس ببئر وألقيت عليه خصفة، فقال الحطيئة:

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ … حمر الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة … فاغفر عليك سلام الله يا عمر (١)

فأخرجه عمر وقال: إيّاك وهجاء الناس، قال: إذا يموت عيالي جوعا، هذا كسبي ومعاشي، قال: فإيّاك والقذع وأن تقول في شعرك فلان خير من فلان وفلان أكرم من فلان، فقال الحطيئة: أنت والله أهجى منّي، فقال عمر: والله لولا أن تكون سنّة لقطعت لسانك، ولكن خذه إليك يا زبرقان، فألقى الزبرقان في عنقه عمامته وجعل يقوده، وعارضته غطفان فقالت: يا أبا شذرة نحن إخوتك وبنو عمّك فهبه لنا فوهبه لهم. فأمر زياد عامر بن مسعود أن يفعل بأبي علاقة مثل ذلك، فألقى في عنقه نسعة واجتّره بها، فعارضته بكر بن وائل فقالوا: جيرانك وإخوانك، هبه لنا، فوهبه لهم، وقوم يقولون إنّ عامرا الشعبي المهجّو، وهذا باطل.

حدثني سريج بن يونس حدثنا هشيم بن بشير عن مجالد عن الشعبي، قال: جاء رجل إلى معاوية فقال: عزّ الإسلام ينفعني أو يضرّني؟ قال: بل ينفعك ولا يضرّك، فقال: إنّ أبي كان نصرانيا وله ولد نصرانيّ، وإنّي أسلمت، ومات أبي وترك مالا كثيرا، فذكر إخوتي أنّ المال لهم دوني، فقال معاوية: أنت وهم فيه شرع سواء، وكتب إلى زياد: ورّث المسلم من


(١) - ديوان الحطيئة - ص ١٦٤.