للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمرو، أركبوا بنا، فركب مغذّا للسير، وتمثّل قول كعب بن مالك الأنصاري:

فأمّا استووا بالعرض قال سراتنا … علام إذا لم يمنع العرض يزرع (١)

ثم قال: ويل أمّك حجر: سقط العشاء بك على سرحان (٢)؛ فلما أتى الكوفة صعد المنبر فقال: يا أهل الكوفة جممتم فأشرتم، وأمنتم فاجترأتم، وإنّ عواقب البغي شرّ العواقب، والله يا أهل الكوفة لئن لم تستقيموا لأداوينّكم بدوائكم، فإنّه عندي عتيد، ثمّ بعث الهيثم بن شدّاد الهلالي صاحب شرطته إلى حجر بن عديّ ليأتيه به - ويقال: بل أمر الهيثم أن يوجّه إلى حجر من يأتيه به، فوجّه حسين بن عبد الله البرسمي - فأبى أصحاب حجر أن يخلّوا بينه وبين إتيان زياد، فغضب زياد وقال لوجوه أهل المصر:

يا أشراف أهل الكوفة، أتشجّون بيد وتأسون بأخرى؟! أبدانكم معي وقلوبكم مع الهجهاجة المذبوب؟! قوموا إليه، فقالوا: معاذ الله أن نكون إلا على طاعتك وخلاف حجر والزري عليه، وخرجوا فنحّى كلّ امرئ عن حجر من أطاعه من أصحابه.

وقال الهيثم بن عديّ عن أبيه وعن مجالد عن الشعبي وعن أبي جناب الكلبي قالوا: لمّا قدم زياد الكوفة بعث إلى حجر فقال: يا هذا كنّا على ما علمت، وقد جاء أمر غير ذلك، أمسك عليك لسانك، وليسعك منزلك، وهذا سريري فهو مجلسك، فإيّاك أن تستزلّك هذه السفلة أو تستفزّك، إنّي لو استخففت بحقّك هانّ عليّ أمرك، ولم أكلّمك من كلامي


(١) - لكعب بن مالك ترجمة بالأغاني ج ١٦ ص ٢٢٦ - ٢٤٠، ولم يرد هذا البيت فيها.
(٢) - يضرب مثلا للحاجة تودي صاحبها إلى التلف. جمهرة الأمثال للعسكري ج ١ ص ٥١٤.