هذا بحرف. فلمّا صار إلى منزله اجتمعت إليه الشيعة فقالوا: أنت شيخنا وأحقّ الناس بإنكار هذا الأمر. فلمّا شخص زياد إلى البصرة استخلف عمرو بن حريث على الصلاة والحرب، ومهران مولاه على الخراج، وأمر العمّال بمكاتبة عمرو، وكان الطريق يومئذ على الظهر، وربّما ركبت الرسل الفرات حتّى ترد آجام البصرة ثمّ تدخل البصرة، فأرسل عمرو إلى حجر:
ما هذه الجماعات التي تجتمع إليك؟ فقال: جماعة ينكرون ما أنتم فيه، فأرسل إليه قوما فقاتلهم أصحابه وألجأ وهم إلى قصر الإمارة، فكتب عمرو إلى زياد: إن كانت لك بالكوفة حاجة فالعجل، فإنّي كتبت إليك وليس في يدي منها مع حجر بن عديّ إلا القصر، فأغذّ السير حتّى قدم الكوفة، فبعث إلى عديّ بن حاتم الطائي وجرير بن عبد الله البجلي وخليفة بن عبد الله الجعفري وعمرو بن الحجّاج الزّبيدي وهانئ بن عروة المرادي وثابت بن قيس النّخعي وخالد بن عرفطة العذري فقال: ائتوا هذا الشيخ المفتون فإنّي خائف أن يحملنا من أمره على ما ليس من شأننا، فأتوه، فقال له عديّ بن حاتم: قد علمت يا أبا عبد الرحمن ما كان من كلام الأمير لك ومن ردّك عليه ما رددت، وهذه عشيرتك، نسألك بالله والقرابة أن لا تفجعنا بنفسك، فهب لنا هذا الأمر، واكظم غيظك حتّى يرى غيرك ما أنت عليه، فقال حجر:
يا غلام اعلف البكر - لبكر كان في جانب داره - فقال عديّ: أمجنون أنت؟ نكلّمك وتقول هذا القول غير مكترث لكلامنا؟! فقال: أما والله انّي لأرجو أن أوقره من الغنائم غدا، قال عدي: فنحن نوقره لك الآن فضّة وذهبا، وتكفّ عن هذا الأمر، فقال حجر: لك أوّل ما سمعت، فقال عدّي:
ما ظننت أن الضعف بلغ بحجر ما أرى؛ وكلّمه القوم فلم يكلّم منهم أحدا،