للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قسمه ولا وفّق له الوفاء بنذره، فقال له أخوه عروة بن الزبير أو غيره:

وما عليك أن تبّر قسم ابن عمّك؟ قال: قلبي إذا مثل قلبك، فقال أبو دهبل الجمحي وهو وهب بن وهب بن زمعة بن أسيد بن أحيحة بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح:

لا يجعلنّك في قيد وسلسلة … كيما يقول أتانا وهو مغلول

بين الحواريّ والصدّيق ذو نسب … صاف وسيف على الأعداء مسلول

وأراد ابن الزبير ابن عبّاس على البيعة وقد بايعه الناس فامتنع عليه نحوا من سنة، ثم بايعه بعد، ويقال إنّه لم يبايعه حتى توفّي.

وكان امتناع ابن عبّاس عن البيعة لابن الزبير قد بلغ يزيد فظنّ أنّ ذلك لتمسّكه ببيعته، فكتب يزيد إليه: أمّا بعد فقد بلغني أنّ الملحد ابن الزبير دعاك إلى نفسه وعرض عليك الدخول في طاعته لتكون له على الباطل ظهيرا وفي المأثم شريكا وأنّك امتنعت من طاعته واعتصت عليه في بيعته وفاء منك لنا وطاعة لله بتثبيت ما عرّفك من حقّنا، فجزاك الله من ذي رحم كأفضل جزاء الواصلين لأرحامهم الموفين بعهودهم، فما أنس من الأشياء لا أنس برّك وحسن مكافاتك وتعجيل صلتك، فانظر من قبلك ومن يطرأ إليك من الآفاق ممّن يسحره الملحد وزخرف قوله، فأعلمهم حسن رأيك في طاعتي وتمسّكك ببيعتي، فإنّهم لك أطوع ومنك أسمع منهم للمحلّ الحارب الملحد المارق والسّلام.

فأجابه عبد الله بن عباس بجواب طويل يقول فيه: سألتني أن أحثّ الناس عليك وأثبطهم عن نصرة ابن الزبير وأخذّلهم عنه، فلا ولا كرامة ولا مسرة، تسألني نصرك وتحذوني على ودّك وقد قتلت حسينا، بفيك