للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من كانت له قبل عمرو بن الزبير مظلمة فليأخذها منه، فكان عبد الله يخرجه إلى الناس فيلطم ويوجأ ويضربه ضارب بعصا ويشجّه آخر بحجر اقتصاصا ثم يرد إلى السجن ثم يخرج فيفعل به بمثل ذلك، وضرب بالسياط اقتصاصا للذّين ضربهم إلاّ من عفا عنه، ثم إن رجلا من هذيل بن مدركة يقال له جنادة بن الأسود أتى عبد الله بن الزبير فقال: إنّ عمرا نطحني مرّة في وجهي نطحة لم ازل أصدّع منها حينا، فأذن له في الاقتصاص منه، فنطح جبينه نطحة خرّ منها مغشيا عليه، وكان عبد الله إذا ضربه بالسياط اقتصاصا لرجل، تركه أيّاما حتى يبرأ، ثم يضربه لآخر فيوجد صبورا، فكان ذلك قد نهكه وأضعفه، فلما نطحه الهذلي لم يمكث إلاّ ليلة حتى مات؛ فقال عبد الله بن الزّبير الأسدي في قصيدة قالها بعد حصار ابن الزبير الأوّل:

فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن … كبير بني العوّام إن قيل من تعني

لعمري لقد أردى عبيدة جاره … بشنعاء غدر لا توارى على الدفن

قتلتم أخاكم بالسياط سفاهة … فيا لك من رأي مضل ومن أفن

فلو أنّكم أجهزتم إذ قتلتم … ولكن قتلتم بالسياط وبالسجن

جعلتم لضرب الظهر منه عصيّكم … تراوحه والأصبحّية (١) للبطن

وتخبر من لاقيت أنّك عائذ … وتكثر قتلى بين زمزم والركن

وقال الواقدي في روايته: إنّ مروان بن الحكم أشار على عمرو بن سعيد ألاّ يغزي مكة جيشا وقال: إنّكم إن تركتم ابن الزبير كفيتم مؤنته بالموت فأبى، قال: وسار عمرو بن الزبير على جيش الأشدق وبين يديه لواء


(١) - من أنواع السياط.