للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المختار بن أبي عبيد الثقفي قال لابن الزبير: انهض إلى القوم، وكان قد مكث أيّاما لا يقاتل، وقال له المختار أيضا: إنّ الله يقول ﴿وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ (١) فنهض ابن الزبير ومعه عمير بن ضبيعة في سبعين من الخوارج فقيل له أتقاتل بهذه المارقة؟ فقال: لو أعانتني الشياطين على أهل الشام لقاتلتهم بهم؛ وقال: ما أبالي إذا قاتل معي المختار من لقيت فإني لم أر أشجع منه قطّ؛ وأبلى غلام لابن الزبير يقال له سليم أو سليمان فأعتقه؛ وقال بعض الشعراء:

وشدّ أبو بكر لدى الباب شدّة … أبت لحصين أن يحيّا ويكرما

هنالك لا أخشى حصين بن ناتل … ولا جلد أير العير نعمان خثعما (٢)

ونعمان قائد من قواد أهل الشام.

وحدثني حفص بن عمر عن الهيثم بن عديّ عن ابن عيّاش والمجالد عن الشعبي قال: نصب ابن نمير المنجنيق على الكعبة فارتفعت سحابة فاستدارت على أبي قبيس ثم رعدت وأصعقت فأحرقت المنجنيق ومن تحتها فلم يعيدوا الرمي، فقال أعشى همدان:

ورمى البيت بالحجارة حتّى … أحرق الله منجنيق الزبير (٣)

يعني الزبير بن خزيمة الخثعمي وكان صاحب الرمي مع حصين بن نمير، وكان ابن الزبير يهزمهم فيتبعهم وحده وهو يقول:

إنّا إذا عضّ الثقا … ف براس صعدتنا أبينا


(١) - سورة البقرة - الآية:١٩١.
(٢) - البيتان للشاعر ذو العنق الجذامي، واسمه الملوح بن أبي عامر. معجم الشعراء للمرزباني - ط. دمشق، دار النوري ص ٤٤٨. وانظر أيضا تاج العروس للزبيدي ج ٧ ص ٢٦.
(٣) - ليس في ديوانه المطبوع.