فلما حصر ابن الزبير قال: هذا ما قال لي معاوية، وددت أنّه كان حيّا.
وقال الواقدي: كان أصحاب ابن الزبير فيما حول المسجد إلى المروة، وإلى ماوراء ذلك، ونزل الحصين بالحجون إلى بئر ميمون، وصيّر عسكره هناك، ونصب منجنيقا فرمى بها فرميت بصاعقة فأحرقتها ومن كان فيها، فكفّ الحصين عن الرمي.
قال: ولما قدم الحصين مكة أمسك عن القتال حتى وقف عند دار عمر بن عبد العزيز فقال لأصحاب ابن الزبير: لو أنّ صاحبكم أبرّ قسم أمير المؤمنين لوجد عنده ما يحب من البّر والصلة ولردّه واليا على الحجاز، فجعلوا يقولون: نحن عواذ بالبيت وابن الزبير أحدنا إلاّ أنّه يصلّي بنا، وكان ابن الزبير قد رتّب أصحابه في مواضع، ومعه قوم من الخوارج أنكروا غزوا البيت وانتدبوا للذبّ عنه، فهم في حيّز ابن الزبير، فكانت كلّ مسلحة تذبّ الحصين عن ناحيتها، ثم إنّهم اقتتلوا يوم أحد وتراموا بالنبل وتشاولوا بالرماح في الليل، ثم رجعوا إلى معسكرهم وقد قتل من الشاميّين ثلاثة نفر وجرح من أصحاب ابن الزبير عدّة وقتل أربعة نفر، فمكثوا على ذلك أيّاما؛ وأخرج المسور بن مخرمة سلاحا فرّقه على مواليه وكان متسلّحا يقف عند الحذّائين، ويخرج ابن الزبير، وجبير بن شيبة، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد بن عمير فيجتمعون إلى المسور فكانوا يردّون الشاميّين إلى الأبطح، وجاءهم نعيّ يزيد فكان القتال أربعة وستّين يوما، وكانت وفاة يزيد لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل ووصول الخبر إلى مكة في ستّة عشر يوما؛ وكان أهل الشام يشتمون ابن الزبير فيقولون: