الملك من الغد إلى دار الإمارة ليسلم على ببة، فلقيه على الباب رجلٌ من قيس بن ثعلبة فقال: أنت المعين علينا بالأمس، ورفع يده فلطمه، فضرب رجل من البخارية يد القيسي فأطارها، ويقال بل ضربه ضربةً شلت منها يده، وغضب ابن عامر فرجع، وغضبت له مضر واجتمعت، وأتت بكرُ بن وائل أشيم بن شقيق بن ثور فاستصرخوه، فأقبل ومعه مالك بن مسمع، ثم إن القوم تحاجزوا وانصرفت بكر والمضرية، وتحالف بكر والأزد، فقال حارثة بن بدر الغداني:
نزعنا وأمرنا وبكر بن وائل … تجر خُصاها تبتغي من تحالفُ
وما بات بكريٌّ من الدهر ليلةً … فيصبح إلا وهو للذلِّ عارفُ
وقال أبو عُبيدة حدثني زهير بن هنيد عن عمرو بن عيسى قال: كان مالك بن مسمع في المسجد، فبينا هو قاعد، وفي الحلقة رجل من ولد عبد الله بن عامر بن كريز، إذ نازع القرشي فأغلظ له القرشي، فلطم رجلٌ من بكر القرشي، فتهايج من ثم من مضر وربيعة، وكثرتهم ربيعة ممن في المسجد، فنادى رجلٌ يال تميم، فوثب قومٌ من بني ضبة على رماح حرس المسجد وترستهم، ثم شدوا على الربعين فهزموهم، وبلغ ذلك أشيم بن شقيق بن ثور، وهو يومئذ رئيس بكر بن وائل، فأقبل إلى المسجد فقال: لا يجدن ربعي مضرياً الا قتله، فبلغ ذلك مالك بنم مسمع فأقبل متفضلاً (١) فسكن الناس حتى كف بعضهم عن بعضٍ، وسأل مالك أن يجدد الحلف بين الأزد وربيعة.
(١) التفضل: التوشح، وأن يخالف بين أطراف ثوبيه على عاتقيه القاموس.