للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسعوداً إنما قتله الخوارج، قالوا: فإنا وجدناه عندكم في دوركم وما نطلب به إلا من وجدناه عنده قتيلاً وفي داره، قال الأحنف: فما الذي يرضيكم؟ قالوا: واحدة من ثلاث، ترحلون فتلحقون بباديتكم وتخلون بيننا وبين المصر، أو تقيمون الحرب بيننا وبينكم حتى تكون الدار لنا أو لكم، أو تدون مسعوداً عشر ديات وتهدرون قتلاكم وتدون قتلانا، فقال الأحنف: أما هذه فقد قبلناها، واما الأُخريان فلا، فدعا لها أناساً من قومه فأبوا أن يحملوها، فدعا لها إياس بن قتادة فتحملها وأداها كلها من عطائه وأعطيات قومه وأمواله، فقال الفرزدق:

ومنا الذي أعطى يديه رهينة … لغار نزارٍ يوم ضرب الجماجمِ

كفى كل يوم أم ما تخاف على ابنها … وهن قيامٌ رافعاتُ المعاصمِ

قال: وكان الأحنف قام في قومه يحرضهم على الأزد في الليلة التي اقتتلوا في صبيحتها فكان ذلك مما تعلق به عليه.

وحدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا وهب عن القاسم بن الفضل الحداني عن أشياخه قالوا: لم يزالوا في أمرهم وقد أبوا أن يدوا مسعوداً إلا دية رجلٍ من المسلمين حتى قدم القباع وهو الحارث بن عبد الله المخزومي، أميراً من قبل عبد الله بن الزبير، فأخبر بأن الأحنف كره أن يحمل دية مسعود مائة ألف، فقال: قد تحملتها من بيت المال، فقالت له الأزد: فمن يقوم لنا بذلك؟ فدعا الأحنف إياس بن قتادة وهو ابن اخته فاصطلح الناس وودوا قتلى الأزد وهدروا قتلاهم، وأعطى القباع - وهو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة - مائة ألف درهم من بيت المال فقام بذلك إياس بن قتادة.