للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو الزعيزعة قبل انصرافه، ذبحه ذبحاً، فلما انصرف عبد الملك من صلاته أمر برأسه فاحتز ورمى به إلى أصحابه الذين حضروا باب القصر، ومعهم يحيى بن سعيد أخوه، فشدٌ يحيى على الوليد بن عبد الملك وهو قائم على باب القصر بالسيف، فلما رآه أدبر فضرب به أليته، فبادر الوليد فدخل، وأمن عبد الملك الناس أسودهم وأبيضهم ولم يعرض ليحيى في ذلك الوقت ولا لغيره، ودعا الناس إلى العطاء، ولحق يحيى بن سعيد بمصعب بن الزبير فصار معه، فلما رآه مصعب قال: يا يحيى أفلت العير وانحص الذنب، قال: إنه لبهلبه (١).

وحدثني هشام بن عمار الدمشقي أنبأنا صدقة بن خالد القرشي عن خالد بن دهقان قال: كان عمرو بن سعيد في عسكر عبد الملك وقد فصل من دمشق وهو يريد العراق فقال له: إن أباك وعدني أن يجعل لي الأمر بعده فبايع لك ولعبد العزيز إن كان بعدك، فاجعل لي العهد بعدك، فقال له: يالطيم الشيطان أو أنت تصلح للخلافة: أنت ذو كبر وجبن وسرف وعجب وإفك ظاهرٍ، لا ولا كرامة ولا نعمة عين، فانخزل عنه وأتى دمشق ودعا إلى نفسه، وكان سخياً، فبويع وأغلق أبواب المدينة واستعد للحصار، فرجع عبد الملك وترك وجهه ذلك، فحاصره وجعل يرسل إليه ويعده ويرفق به ويحلف له ليولنيه عهده، فقبل ذلك وسكن إليه وخرج إلى عبد الملك، فيقال إنه دخل عليه وهو في قصر كان في عسكره وأصحابه مطيفون به فقتله من يومه.


(١) الهلب: شعر الذنب، وقيل ما غلظ من الشعر، انظر المثل في أمثال أبي عبيد ص ٣٢٠، وقد أراد: أفلت ولم يتناثر شعره، أو شعر ذنبه.