شيئاً، فلما أصبحوا جعل أبو طلحة يحوشهم للمناظرة في دار المال، وكان دفن عمر يوم الأحد وهو اليوم الرابع من يوم طُعن وصلى عليه صُهيب بن سنان؛ قال: فلما رأى عبد الرحمن طول تناجي القوم وتناظرهم وأن كل واحد منهم يدفع صاحبه عنها قال لهم: يا هؤلاء، أنا أخرج نفسي وسعداً من الأمر على أن إختاروا معشر الأربعة أحدكم، فقد طال التناجي وتطلع الناس إلى معرفة خليفتهم وإمامهم واحتاج من أقام لانتظار ذلك من أهل البلدان إلى الرجوع إلى أوطانهم؛ فأجابوا إلى ما عرض عليهم إلا علياً فإنه قال: أنظر. وأتاهم أبو طلحة فأخبره عبد الرحمن بما عرض وبإجابة القوم إياه إلا علياً، فأقبل أبو طلحة على عليّ فقال: يا أبا الحسن، إن أبا محمد ثقة لك وللمسلمين فمابالك تخالفه وقد عدل الأمر عن نفسه فلن يتحمل المأثم لغيره؟ فأحلف عليّ عبد الرحمن بن عوف أن لا يميل إلى هوىً وأن يؤثر الحقَّ ويجتهد للأمة وأن لا يحابي ذا قرابة، فحلف له، فقال: اختر مسدَّداً، وكان ذلك في دار المال ويقال في دار المسور بن مخرمة، ثم إن عبد الرحمن أحلف رجلاً رجلاً منهم بالأيمان المغلظة وأخذ عليهم المواثيق والعهود أنهم لا يخالفون إن بايع منهم رجلاً وأن يكونوا معه على من يناويه، فحلفوا على ذلك، ثم أخذ بيد عليّ فقال له: عليك عهد الله وميثاقه إن بايعتك أن لا تحمل بني عبد المطلب على رقاب الناس ولتسيرن بسيرة رسول الله ﷺ لا تحول عنها ولا تقصر في شيء منها، فقال علي: لا أحمل عهد الله وميثاقه على ما لا أدركه ولا يدركه أحدٌ، من ذا يطيق سيرة رسول الله ﷺ؟ ولكني أسير من سيرته بما يبلغه الاجتهاد مني وبما يمكنني وبقدر علمي، فأرسل عبد الرحمن يده. ثم أحلف عثمان وأخذ عليه العهود والمواثيق أن لا يحمل بني